معنى الثورات العربية


الثورات والانتفاضات هي في الجوهر ظهور قوة جديدة تضع توازن القوى المهيمنة موضع التسائل وتنقله الي اللاتوازن ، وهي عادة ما تستمر حتى ينشأ توازن جديد مستقر. القوة الجديدة في العالم العربي ، والتي أعربت عنها تونس وتردد صداها في أنحاء العالم العربي ، هي قوة الشعب. الشعب يريد أن يحكم نفسه في دولة تخدم المصالح العامة للجميع ، وليس مصالح القلة.ان تحميل الانتفاضات العربية أكثر من ذلك هي مسئلة مضللة وقد تكون خطرة. فعلى الرغم من الإيديولوجيات المختلفة المشاركة في الانتفاضات ، لا توجد ايديولوجية مهيمنة -- أو بعبارة أخرى ، ليس هناك في هذه الثورات سوى مهمة بناء دولة ديمقراطية مستقلة. التنوع في الوحدة هي واحدة من ملامح ثراء و نضج الثورة العربية الحالية
ان المستقبل لن يكون كالماضي أبدا سواء إذا كانت الانتفاضات قد انتصرت أو هزمت بالقوة. فقد اطاحت الانتفاضات بالفعل زين العابدين بن علي ومبارك وفتحت الطريق لبناء دولة ديمقراطية مدنية في تونس ومصر.
ولقد انتهت في العالم العربي شرعية التيارات التي أعلنت نفسها طليعة تحكم باسم الشعب من دون طلب راي الناس. لا شرعية ، بعد الآن ، لأي نظام دون تلبية الحقوق الفردية والوطنية للجميع. لا شرعية للحكومات الغير منتخبة. لاملكيات مطلقة ولا جمهوريات شخصية
ان القوى المهيمنة التي تتحداها القوة الجديدة هي الأنظمة العربية و الامبريالية الغربية التي تقودها الولايات المتحدة ، التي غزت واحتلت العراق وكذلك إسرائيل وحتى الإيديولوجيات المعارضة لهذه القوى التي لعبت دورا في تحويل انظار الشعب عن النضال لان يحكم نفسه بنفسه.
ولقد اعلنت الثورة العربية الحالية وبشرت بان ما يريده الشعب يستطيع تحقيقه بنفسه دون انتظار التيارات الطليعية لتقوده الى الثورة
ان تركيب الانطمة العربية الحالي محكوم عليه بالتغيير فإما أن تبدأ قيادات الانظمة إصلاحات حقيقيةتقود إلى دولة مواطنين وبالتالي تفقد هي امتيازاتها، أو محاربة الشعب وبالتالي السقوط. ان ردود الفعل من قبل الانظمة مختلفة ، ولكن مثال العراق اولا ، وكذلك تونس ومصر تقدم دليلا على أن الأنظمة ان اعتمدت على قوة الشرطة والقمع فهي لا يمكن أن تستمر في الحكم ونهايتها السقوط. وامثلة اليمن وسوريا وفلسطين تظهر ان ما يواجه الانطمة هو إما إصلاح الأنظمة بالاستماع إلى الشعب أو ان تواجه، منهكة نفسها في الوقت داته، معارضة شعبية لن تتوقف. ان الشعوب قد اعلنت انها تريد أن تحكم نفسها بنفسها من أجل مصلحة الجميع.
لقد اعلن العرب ، بمن فيهم الفلسطينيون ،ان بامكانهم بناء الديمقراطية. ان اسرائيل ترتجف لانكشاف كذبة احتكارها الديمقراطية وهي لا تستطيع وقف هذا يشن حربا جديدة لوقف التحولات الديمقراطية فشن مثل هذه الحرب الان ان لم تكن قاتلة لها كليا فهي كذلك على الأقل من الناحية السياسية ، لا سيما في أن مصر كان لديها الحكمة لأن تعلن ان ثورتها ليس لشن الحروب ولكن للدفاع عن أمنها وحقوقها ومصالحها
 ان نتائج فشل العولمة الليبرالية ، واوصاع الأزمة المالية العالمية المخيمة وتجربة مواجهةالمقاومة في العراق تجعل الولايات المتحدة وحلفاءها تفكر ألف مرة قبل أن تشن حربا ضد الانتفاضة العربية الديمقراطية. ان ذلك سيكون كارثة مالية معلنة مسبقا ، وكارثة للادارة الامريكية ومصالحها. وبالتالي فانها بدلا من شن الحرب تحاول احتواء الثورات عن طريق اتخاذ تدابير ايديولوجية ودبلوماسية واقتصادية ، أو وضع حدود للانتفاضة واجهاض الثورة عن طريق التدخل العسكري المحدود ، كما هو الحال في ليبيا. ان هذه المحاولات هي محاولات فاشلة ودون جدوى وهي لن تستطيع ايقاف التغييرات الديموقراطية
ولكن على الرغم من تواطؤ اميركا مع إسرائيل ، وغزوها واحتلالها للعراق ،واتباع سياسة الكيل بمكيالين وتدخلها في الشؤون العربية الداخلية ، وهي امور يعارضها العرب ،فليس في الانتفاضات العربية ما تبين أن هذه الانتفاضات هي ضد حرية التجارة والتبادل ، بما في ذلك النفط. مع امريكا والعالم,
اما الثقافة العربية التي تحتم أن الأرض وما في باطنها هي ملك للأمة ، ولا يمكن نقل ملكيتها لغيرها ، وتحتم بأن الدولة هي المسؤولة عن الخدمات العامة ، وهي ثقافة مشتركة لدى غالبية الشعب ، فعلى الولايات المتحدة والغرب ان تقبل هذا الأمر لان هذه الثقافة هي من صلب الهوية العربية
منذ 100 عاما فان القوى الخارجية هي التي تقرر للأنظمة العربية والعرب ما يجب التفكير والقيام به. الثورات العربية تعلن عهدا جديدا ، ليس فقط للعرب بل أيضا للعالم. وهو انه عندما يقرر الشعب امرا ، فإنه يستطيع تحقيقه . ان تملك العرب ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحداثة ، بينما في الوقت نفسه الدفاع عن حقوقهم الوطنية والقومية سيغير الوضع في المنطقة العربية والبحر المتوسط ​​وما ابعد.
ان القوى القديمة تموت. ولم تحل محلها القوى الجديدة بعد . بالنسبة لنا فان المستقبل مليء الإنسانية












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق